المنظمة العالمية للإبداع من أجل السَّلام/ لندن

الحرب ضد الجمال

31-07-2023


324 

الحرب ضد الجمال

بقلم: أحمد عزت سليم

يجب متابعة الجمال بشكل غير اعتيادي ؟ فالناس الذين هم دائما في الثناء والسعي وراء الجمال هم محرجون ، مثل الناس الذين يقدمون عرضا ثابتا لإيمانهم الديني ، وبطريقة ما ، نشعر ، أنه ينبغي الحفاظ على مثل هذه الأشياء فى لحظاتنا المرتفعة ، وعدم استعراضها في الشراكة ، أو السماح لها بالانتشار على العشاء ، لكن في نفس الوقت يجب ألا نتجاهل ذلك :ــــومع ذلك يبدو أن العديد من الناس يعيشون في فراغ جمالي ، حيث تمتلئ أيامهم بحسابات نفعية ، ودون أي شعور بأنهم يفقدون الحياة العليا .

لا يقدم لنا المفكر سكريتون Scrutonإرشادات حول مقدار الجمالية التي يجب متابعتها، لكنه يحذر من أن الرغبة في الجمال لا يمكن أن تكون راضية تمامًا: ـــ فالرغبة في شيء ما لجماله هي الرغبة في ذلك ، وليس الرغبة في فعل شيء ما به ، وهناك حاجة للجمال بدون هدف:ـــ وهى رغبة لا يمكن تحقيقها نظرًا لعدم وجود شيء يمكن اعتباره تحقيقًا له ، ولكن ماذا يمكنك أن تفعل مع جمال شخص آخر؟ فالحبيب الراضى هو ذات قدر ضئيل على امتلاك جمال حبيبته مثل الشخص الذي يراقبها بشكل يائس من بعيد ، ومن خلال ممارسةالحياة مع فتاة جميلة ، تكون رغبتك في الجمال راضية ولكن فقط للحظات ، لأنه لا يوجد شيء عن جمالها يمكنك امتلاكه ولا يمكنك أخذه منها حيث تشعر فقط بوجود جمالها أو قوتها لفترة وجيزة من الوقت ، وفي بعض الأحيان يثير سكرويتون أسئلة أكثر من الإجابات ، لماذا رغبة الرجل أقوى للمرأة الجميلة ؟ بالتأكيد ليس قرارا واعيا ، حتى عندما تكون الأنوار مضاءة في غرفة النوم وتتقلص الصور التجميلية إلى الحد الأدنى ، فإنك لا تزال تحصل على مزيد من متعة الحياة من الفتاة الجميلة أكثر من فتاة قبيحة ، ولا يمكن تجنب هذا الاختلاف في إدراك السرور وتزايده ، ومن هذا المفهوم أطلق البعض ضرورة إحضار الحرب إلى المنزل وبما يعنى تشكيل منزل جميل تستمع به الأسرة كاملة وبما يشكل حرب واسعة الإنتشار بداية من تنظيف الستائر وبالونات الأطفال وترتيب الحجرات وواجهة المنزل وطرقاته والمكياج وترتيب وتنظيف المطبخ وتقديم الطعام وإبهار سيدة البيت الأولى بفاعلياتها وكما قدم الفنان الأمريكى مارثا روزلر فى السبعينات من القرن الماضى سلسلة مقالاتهBeauty Rest : House Beautiful: Bringing the War Home ، وفى 25 يناير ، 2020م أقامت المؤرخة أليس ميلرفي قصر نيلي في أوبورن عرضا لجماليات في الذكرى الغربيةلمرور 100 عام على حق المرأة في التصويت وبالإضافة إلى الذكرى الــ 75 لنهاية الحرب العالمية الثانية عرضًا تقديميًا لجماليات ملابس العمل النسائية والزي العسكري الذي يعود تاريخه إلى أكثر من 100 عام ، وليثبت ذلك أن الجمال لم يعد ولن يكون مقصورا فحسب على جماليات الحب والروح الإنسانية وإنما يمتد ليشمل جماليات المادة أيا كان نوعها ، ومن منطلق جماليات الحب والروح الإنسانية تشكلت لمحات جمالية وسط رعب الحروب وكوارثها وعلى سبيل المثال الحب النقى اللطيف بممارساته المستمرة واليومية بين أب أفغانستانى فقد عمله وعمل كمزارع ولا يجلب له هذه العمل دخلا كافيا للعيش وفقد إبنته فى الحرب وأصيب طفله المتبقى من الإلغام المتبقية من الحرب ، وفقد الطفل عينهاليمنىوثلاثةأصابعمنيدهاليسرى وجزء من فكه ، ومع زوجته الأم كان الجمال الصافى النقى يتصاعد من خلال معاملتهما لطفلهما المصاب فيضحك ويتناسى الألم وتناقلت وسائل الإتصال الجماهيرية هذه الفاعلية كمثال على الجمال الإنسانى رغم بشاعة الحرب .

وكما يؤكد علماء النفس التطوريون إننا نرغب في الجمال لأن التزاوج مع امرأة جميلة سينتج عنه أطفال يتمييزون بالجمال وسيكون لديهم وقت أسهل في التزاوج ، وبالتالي الجمال يدل على اللياقة البدنية والصحة ، ولكن مرة أخرى ، ما هي بالضبط عملية ربط الوجه الجميل بالصحة - أو بالأحرى - كيف نشأت العلاقة بين اللياقة والجمال ؟ لماذا خلقت الطبيعة هذا الرابط ؟ ، فهل المرأة التي لديها أنف كبير لا تملك نفس القدرة على البقاء مثل شخص لديه أنف مثالي ؟ هل الرجل الذي يتمييز بالطول ليس لديه نفس القدرة على العيش ليكون مثل الرجل القصير ؟ نحن جميعًا ندرك ماهية تفضيلات الجمال التي لدى البشر ، لكنها تستمر في وقت لا يكون له فيه معنا تطوريا كبيرا ، مما يؤدي إلى تبرير متخلف من قبل علماء النفس التطوريين الذين يقدمون الإجابات فقط لأن النتيجة النهائية معروفة .

وطبقا لمجلة Scinexx das wissensmagazinللأخبار العلمية قد أثبت باحثون نرويجيون أن الجمال ليس مسألة نسبية فحسب، بل إنه يعتمد بشكل كبير على تركيبات كيميائية معينة في المخ يمكن تحفيزها أو الحد منها من خلال مؤثرات خارجية،فشعور السعادة والراحة الذي نحس به بعد رؤية شيء جميل سواء كان لوحة فنية أو زهرة جميلة أو حتى إمرأة جذابة ورغبتنا في إطالة النظر له، ترجع إلى أن الجمال ينشط مراكز المكافأة في المخ وهو ما يعطي نفس الشعور الذي يعقب النجاح في امتحان أو الفوز بمباراة أو حتى تعاطي المواد المخدرة.

على الرغم من تفضيل الجمال المتسق ، سيظل الرجل يمارس الحياة مع نساء لا يمتلكن الجمال ، لماذا ننخرط في " غطس القمامة " لمجرد ممارسة الجنس فقط ؟! هل أسلافنا كانوا يمارسون الحياة مع نساء لم يرغبوهم حتى وجدوا فتاة أحلامهم ؟ ! في نفس الوقت ، لماذا نحن على استعداد للقفز من خلال الأطواق لنكون مع فتاة أجمل قليلاً من الأخيرة ؟! نحن نضع العمل في حلقة جنسية عابرة مع فتاة جميلة لا يمكننا امتلاك جمالها ، مع الرضا الجنسي الذي يبدأ في القفول بمجرد بلوغ النشوة ، ومن منا لا يريد حتى التشرب ؟وبالتالي فإن سروري في الجمال يشبه الهدية التي يتم تقديمها للكائن ، والذي بدوره يعد هدية مقدمة لي .