البنية السردية ودلالة البداية في رواية."الوداع الأخير" لنوال سلماني.الجزائر
09-11-2023
196
البنية السردية ودلالة البداية في رواية."الوداع الأخير" لنوال سلماني.الجزائر
بقلم: أ.عبده عبودالزراعي
الأديبة الجزائرية نوال سلماني من مواليد 1989م احدى رواد الكتابة القصصية والروائية الشابة في الجزائر ..حائزة على دبلوم فى السيناريو فرع الصحافة. دبلوم في الإعلام الآلي التقني ِ
صدرلها:
1_رواية1_"أحببتُ مَلِكاً"عن. دار ببلومانياللنشر والتوزيع مصر 2018
2_كتاب "رسالة إلى فلذات أكبادنا"عن دار السكرية.مصر 2019
3_الوداع الأخير(رواية) عن دارببلومانيا 2019 مصر.
عضوالاتحاد الدولي للدراسات والعلوم الانسانية مصر ..
عضوللإتحادالدولي للأدباء والشعراء العرب.
_تكتب في العديد من الصحف والجرائد العربية كالرأي المصرية الدولية و الدستور ومجلة فن الفنون العراقيتين .وفي جريدة العبور..نيوز المصرية ، وجريدة المنعطف المغربية
لها كتابات عن أدب الطفل الى جانب النتاج الروائي..
لها الكثير من المخطوطات قيد الطبع..
لها صفحة على الانترنت (فاسبوك).تنشرعليها البعض من نتاجها الأدبي..
تعدالكاتبة نوال سلماني من جيل الشابات الرائدات في كتابةالأعمال الروائية والقصصية ، فهي من الجيل المواكب لحداثة التقنية وحداثة الكتابة المعاصرة للواقع العربي والانساني.. وفي مجموعتها الوداع الأخير سنقارب تقنية الرؤية السردية والبداية ومن ثم السرد من الاتجاه الحداثي مع حضورالساردة نسبيا كمخيلة شاهدة على الحدث.بالقرب منه اومؤطرة للحدث_ نسبيا_ضمن رؤية سردية ..نابعة من أيديولوجية ثقافية. مفعمة وملهمة بتيارالتقنية .مع الاحتفاظ بميزات القيم والأخلاق والسلوك الاجتماعي ..مجتمعة..في ثيمات السرد والإشارة إلى الايديولوجيا المجتمعية..المتأصلة في رمزية المقومات اللغوية السردية..التي ترويها من خلال المشهد الدرامي بين (فريد) الذي يمثل البنية السردية الهرميةوالأخلاقية في شخوص الرواية ويمثل الإخلاص والوفاء في الحب والعلاقات الانسانية والنبل إلى جانب الثراء المادي، مع قليل من الاحساس بالنقص الذي تفرضه عليه أناه الداخلية، مما يعانيه من أثر اصابة حريق طارئ ادى الى تشوه وجهه.. وفي الطرف المقابل معشوقته(جيهان)التي تمثل سلوكا انثويا سلبيا تسيطرعليه الشهوات والاعجاب بماتحمله من مفاتن خارجية..كالجمال والرشاقة ..وبماتحمله من نواياوسلوك مضاد كالخيانة واستبداد المحب المسكين مادياباغرائه بوسائل تصطنعها ،إضافة الى الجمال والغنج الذي يبدوظاهرا عليها..أما من حيث السلوك فقدظهر من خلال السرد بأنه سلوك مناقض للظاهر ولما يتوهمه ويحلمه العاشق المحب المتيم الوفي الذي جلد ذاته في سبيل حبها وغرامها وبذل المال لراحتها في سبيل تحقيق حلمه بالزواج من آنسة العشرينيات الجميلة.... ومقابلة ذلك الشعورالجريح والاحساس بالرفض وبأسلوب فيه المكر والخبث والمراوغة..والكذب..
وبماأن البداية تشكل في النص الروائي اهمية خاصة بوصف العمل الرواي من أكثرالفنون الأدبية ارتباطا بالمرحلة الكتابية.حيث يقوم النص على التسلسل والترابط بين الأجزاءوعلى التنوع والتجريب للأشكال السردية للبدايات بحسب طبيعة الكتابة الروائية، بخلاف البداية في النص الشعري.1
_البداية كتأسيس عملي لفنية السرد
للبداية في النص الروائي خصوصية التميزعن البداية في النص الشعري والقصة القصيرة والمسرحية كونه يتضمن أكثر من بداية،2
..والبداية الرئيسية في رواية( الوداع الأخير) تبدأ من دخول جيهان الى منزل فريد لتقدم له بعض الطعام ولتحصل منه على بعض المال..لتوفير متطلباتها الشخصية.
فريد.(بوكاهنتس) متى تزورينني ؟مرأسبوع على لقائنا، لن تجرؤ على نسياني، أكيد،)3
ينادي محبوبته كمايعتقد هو (جيهان)بوكاهنتس)وتعني الفتاة المرحة..فهو يستلطف شعورها ووجدانها لعلها تزدادشغفا وحبا بهذا المحب .لكن تركيبها (السيكولوجي)والغرائزي الذي يؤسس لشخصية مناقضة مع سلوك المجتمع الشرقي اولا، وثانيا ميلها للإلتواء والتوجه نحو إشباع مجموعة من الغرائز الذاتية والجسدية قدتترك مجالا وخرقا للشكوك والظنون ، لماتخفيه وراء تلك الابتسامات ،والحركات الساحرة دون ان تنظر في وجه (فريد) المحترق المشوه.الذي اتخذ من عزلته من الآخرين غرفة مظلمة حتى لايراه الناس اويرون وجهه..
(عزيزتي
_نعم عزيزي
_ألاتريدين الزواج وانجاب الأطفال؟
-لاأفكر في هذا الأمرمطلقا، أريدالقيام بعدة أشياءكالسفر والدراسة في دولة أوروبية أخرى أرغب فيها.
_لقدتغيرتِ جدا .4
تكشف جيهان عن الكثيرمن التوجهات الغرائزية التي تحملها كحلم ونرجسية وإشباع غرائز لم تتحقق في المجتمع اللبناني الشرقي الذي تعيش فيه..المجتمعات المتعددة الثقافات والجنسيات والديانات..إلا أن مجتمعها العربي الشرقي المسلم..مثله مثل المجتمعات العربية الأخرى التي مازالت تحتفظ بالمبادئ السلوكية الحسنة والتربية السلوكيةفي أطار التركيب (المجتمعي السيكولوجي الذي لايسمح بالخروج عن السلوكيات المتعارف عليها..والقيم التي تبيح الشذوذ الغرائزي والخروج عن العادات المجتمعية المتوارثة. وإن بدأت تضعف في بعض البلدان العربية الشرقية مؤخرا. تحت وساطة الحرية وكسرعوامل القيودالتطرفية التي فرضتها الذكورية على حرية المرأة واستلاب حقوقها الفكرية بذريعة..اسم الدين.
ومن خلال وعي الكاتبة وقدرتها الواعية في رسم صور وشخصيات الرواية واحتفاظها بالإتيكيت الدال على صورالشخصيات ذات الحدث الرئيس والمباشر في الرواية..مع ارشفة الارتقاءبالشخصيات الثانوية..والرجوع إليها حال الاحتياج والسرد عن دورها الثانوي،. أما الشخصيات. الرئيسة في الرواية وهم (فريد سعدالدين (البطل) اومحور الرواية_جيهان وتمثل العنصرالمحرك ( البداية) في ذهنية الحدث ونقطة مهمة في إثارة مونولوج السرد ._زينب الفتاة المثالية الواعية وتمثل العفاف والحب والفتاة الأنموذج للوفاء والحب والاخلاص.._جوزيف ..يمثل الخادم المخلص لسيده_الطبيب اللبناني( امجدالكدواني) والطبيب الفرنسي ( بيرنارد بايسونيل ) والمحاميان اللبناني (نجيب آل خولي)والمحامي الفرنسي( ..) أما بخصوصية الزمن والمكان. فقدأوضحت الكاتبة الزمن من خلال تحديده مابين الأعوام 1968وبين 2018م بداية أحداث الرواية . ولما للأمكنة من ذاكرة زمكانية عبرالسرد الروائي فالمكان يتمثل في لبنان ، فرنسا،تونس...إذن فحضورذاكرةالأمكنة كان جليا ضمن السرد العفوي وضمن الانتقالات السردية الغيرمملة التي كانت تأتي من داخل الحدث ذاته ، أوكانت تأتي_ كضرورة _من سياق المشهد الروائي الذي كان تغطيه اوتكمله الكاتبة..أي أن قدرة البطل بعدقراره للتوجه الى فرنسا لاجراء عملية تجميل ومواجهته لواقعه الجديدوالخروج من أزمته الذاتية الواقعة تحت عوامل ومؤثرات (الاحساس بالنقص) تبرزمن خلال ملامح وعيه الذاتي بوصفه فكرة فنية مسيطرة في بناء الصورة الكلية المكملة للنقص..وهذا مايحمدللكاتبة .
إن البطل له صوته الخاص المؤسس لرؤيته للعالم ، شريطةعدم القفزبه عن الأفق الإبداعي للمؤلف 5
ولنبق مع جوزيف _سيدي جئتك بخبر
_تكلم
_ولكن عدني أولا أنك لن تنزعج
_ديميتري..تعلم أنني بلاصبر هياتكلم، افرغ مافي جعبتك.
_دمعت عينا ديميتري
_أي خبر تحمله ؟ هل حصل مكروه لها اخبرني
_صرخ في وجهه...ديميتري يرتجف
_لقدتزوجت البارحة ياسيدي). 6
بعدشهر من زواجها أتت لتزوره بكل وقاحة وكأن شيئا لم يكن.طرقت الباب
_فريدحبيبي افتح أنا جيهان، أين أنت يافريد،
_اذهبي الى الجحيم أيتها الساقطة أيتها الغبية اللعينة. ليتني لم أرك.أيتها الحمقاء).7
يتواشج البناء( الدرامي )من خلال التماهي السردي الذي يبلغ ذروته حينا مع الاثارة من خلال ماهيات الحدث وتقريب الصورة الجزئية لتجسد ماهية السرد.وتقنية الابداع الممكنة.وبما ان صورة المحكي تتحرر من هيمنة الراوي الواحد الذي يستبد عادة بمهمة انجازه وحده لتلك الفعاليات وباخضاعها لصوته الايديولوجي احيانا.إذ يتم تقديم المادة الحكائية،بل الحدث الواحد من خلال شخصيات متعددة في الرواية .تبدو جميعا أجزاء من ذلك الحدث، وشاهدةعليه ، ومساهمة فيه بنسب متفاوتة، بمعنى انتماء تلك الفعاليات إلى مايصطلح عليه ب(الرواية المجسمة) أو(التبشيرالداخلي المتعدد8(Vision Streroscopiqes
(أما جيهان فقدغيرت مسارحياتها حين دخلت انجلترا وتزوجت رجلا ثريا .رأت في ثرائه الغاية القصوى التي تتوفرفيه طلباتها ورغباتها الذاتية من حيث المال الذي من خلاله تستطيع اشباع غرائز النقص ..وقدرأت العالم الأوروبي بمنظورمتطور،فصارت تشرب الخمور وتزورالحفلات الليلية والملاهي الترفيهية للشباب،فتحتك بهذا وترمي نفسها على ذاك، وتلامس بجسدها الشبه العاري كل من يقترب منها محاولة إلقاء نفسها كي تنتشلها أحدى أيادي الشبان اليافعين، مماجعل علاقتها بزوجها تضطرب فيعاملها بقسوة شديدة.)9
لم تزل الكاتبة ترقب المشهد من خلال تتبع الحدث والقص الموغل في التفاصيل..من خلال المشهد المتحرك الذي تغذيه البُنية النسقيةذات. الدلالة الرؤيوية في مسار ايديولوجية تتناقض مع رؤية الساردة ومكونها الجينولوجي.والإجتماعي الذي لم تنفصل عنه..لأن الانفصال عن ذلك المكون يعتبر خطيئة إنسانية..تخرج بالفردية إلى سيكولوجية لاتتفق مع المكون. الأسري والمجتمعي..لمافيه من غرائز تتسم في ممارساتها وأفعالها عن ارادة،حيوانية..لأن الحفاظ على الثوابت يتطلب قدرا ممكنا من الثقافة والعادات التي تنميها المجتمعات ذات البنى الأخلاقية..بعكس الشعر..لأن الأفعال في الشعر لاتتحرك كماتتحرك في الرواية والقصة..والمسرحية..
إذن فالرواية سكن الكائن المحترق بوعيه، وأرض الذات المحلومةبزمن لاتتنفس فيه أشباح الماضي وخطوات الموتى، ولاتلجمه شراسة الحاضروسلطاته المنقوعة في عماها الماهوي، إنها وجود يؤسس الوجود بشرط الحرية، ويفسح للهويات مدى تأتلق فيه، بعيداعن مهاوي المطلقات المتمركزة في هويتهاالضريرة، ومن ثم يحق لنا أن نعتبرها ذاكرة الزمكان التي لاتترمدفي جحيم الرهانات الفجة10.
تتابع الراوية الحدث عبر العلاقات الدلالية في سياق البداية وفي سياق التأريخ الذي صدرت به صفحات الرواية..لتربط بين حياة فريدسعيد..وبين الزمن والمكان، فهو رجل ذو ثراء ولديه أعمال تجارية فتح لها خطا إلى باريس ليزيدمن توسع عمله التجاري كونه استقربفرنسامايقارب من العقد والنصف..وهو الزمن الذي نشبت فيه الحرب اللبنانية بين فصائلها وأحزابها السياسية ،بمافي ذلك التدخلات الأجنبية.غيرالمباشرة أفقدت لبنان بنيته التحتية والإقتصادية ..وتهجيرالآلاف من ابنائه وتهدمت المئات من المساكن والمتاجر ودورالعلم ،بعدها عاد الوطن اللبناني إلى بداية أول خطوة في سلم الصعود الإنمائي بفعل تلك النخب السياسية التي مدلها الخارج يده..بالمال للتخريب وزعزعة الأوضاع الأمنية والمعيشية..
يعودالبطل الانسان (فريدسعدالدين)وقد خلف 4ابناء بعد أن هدأت الحرب واستتب الوضع اللبناني.حيث يلتقي بأخ له من أبيه اسمه عصام،كان وجوده نتيجة علاقات غرامية أقامها والده مع والدة الأخير، اعقبها زواج.وذلك بعدأن كشفت الأمر زوجة والده بزواج والده منها، في حين علمت أن سعدالدين خلف ابنا من زوجة أخرى ورث ثروة أبيه من بعده..وقد روت أم عصام لفريد إن أباه تزوجها وهي لاتعلم أن له زوجة أخرى ...هكذا كما جاء في الرواية..
ربما كان لتلك الشخصيات مغزى سياسي من خلال الرؤية الكتابية لم تفصح عنها الساردة واكتفت بتلك الإشارات واللمسات عن الحرب اللبنانية وحادثة عين الرمانة. التي كانت السبب المباشر في اشتعال فتيل الحرب الأهلية اللبنانية..
اما (جيهان )تلك السيدة التي لم يحالفها الحظ وكسرالوقت طموحها فقد صارت حقلا للاجهاض المتكرر، ومسارا للبؤس والشقاء وموضعا للإزدراء والسخرية من قبل الكثيرين ممن عاشروها، ومن قبل زوجها(عاطف)المطلق ومن عائلتها.ولم يستجب لها احد ممن عشقوها ليتزوجها ويعينها على مصاعب الحياة القاسية التي واجهتها بعدطلاقها.من زوجها الثري(عاطف)..الذي تزوجته رغم فارق العمربين الزوجين ، وذلك لأجل الثراءوالمال والوصول إلى مبتغاهاالذي تطمح إليه. .ولكن للأسف كان ذلك الطموح حكما بالشقاء الطويل الذي ظل يلاحقها حتى ساعة الموت..ثم يتزوجها أحد عشاقها بعديأس وعمركاديضفي عليه الشيب..وأنجبت منه بنتا..تلك البنت الوحيدة التي جمع القدربينها وبين الشاب فريد أثناء دراستها، حيث كان فريد يحاضرباحدى الأقسام الجامعية ببيروت وفريدة احدى طالبات ذلك القسم ..أمافريدسعدالدين( الأب) فقدعاش مع استرجاع ذاكرة اليتم رغم ثراءوالده الذي خلف له المال، تركه لايلتفت إليه وانشغل إلى جانب التجارة بعشق النساء،
لكن كماتروي لنا الكاتبة عن فريد وعن انسانيته فقد كان مثالا للأغنياء اللبنانيين الانسانيين في حياته يحتذى به في زمنهِ.كان ينفق سرا على اسرة جيهان ، عن طريق تحويل المبالغ المالية كعمل إنساني لاأحد يعلم عنه شيئا. اما ماترويه عن قصة فريدة ابنة جيهان وفريد بن فريدسعدالدين .فقد اتفق. الشابان على الزواج بعدأن نضج الحب والمودة بينهما..
ثم تأتي جيهان للمرة الأخيرة تستعطف السيدفريد في الصفح والمسامحة..فيتظاهر لها بأنه سامحها.وأنه لايتذكرشيئا مما تقوله.ثم يذهب فريدالأب مع فريدالابن ليخطب فريدة العصملي.ولم يكن يعرف أن تلك الفتاة ابنة جيهان_ الخصم_ وفي صباح اليوم الثاني يذهب بنفسه إلى جيهان ويقف بالأسطبل الذي حدث له فيه الحريق ، ويناديها. بأن تصدقه القول..وان توافق فريد وابنتها على أن ذلك التوافق بين فريدة وولده ليست مؤامرة مدبرة من جيهان..إنها تلك المرأة التي خانته وكذبت عليه في سن الشباب والفتوة وأيام الحب. ورجمت بكل استعطافاته ووفائه عرض الحائط ..بمكروثعلبة وخيانة..تركته يتنفس المرارة ويكابدالألم والقسوة وحزن التوحد ويتم الأبوين..وهاهو اليوم يردالصاع صاعين وسيقابل (جيهان) بكل مايخامره من شكوك وهي تقسم له بكل الأيمان أنها لم تكن السبب في تلك العلاقة وليس لها أي غرض اوقصدشيطاني. يستهدف فريدا اوعائلته ..لكن فريدا لم يصدقها وقابلها بوجه عابس وضمير غفل عن العفو والصفح..ويلح عليها في اقناع ابنتها بعدم الزواج من ابنه فريد..ومازالت تترجاه أن يصفح عنها ويسامحها..ويقبل بزواج ابنتها من ابنه.. وانه سيحطمها ويحطم ولده إذا تم التفريق بينهما..
هكذا تم عرض المواقف الرئيسةو الثانوية من قبل الراوية..بأسلوب حكائي سهل وكأنها تشهدالمواقف وتعايشها بالطريقة التي أعقبت الكتابة والسردالقصصي..فحضورالكاتبة كان أكثرتعاطفا مع بعض الشخصيات ، في حين كانت تضيف بعض السرد نتيجة لسلوك افرادالرواية.لقدأصبحت في بعض المواقف ذات حضور شخصي ماثل للقارئ أنها هي التي تصنع الحوار...وتكمل الفراغات الزمنية من خلال ترتيب الوقائع والأحداث..وبما رسمته من خطة لشخوص الرواية..فجيهان عندالساردة هي تلك المرأة الشاذة التي تلهث وراء المال وهي المرأة الخائنة..التي باعت نفسها للهو والعبث..والشهوات.من خلال نظرتها الدونية لزوجها الذي اعتبرته بمثابة غطاء اوزوج مجازي..كمااعتبرته (ديوثا)وهذه اللفظة المعجمية. أضافتها الروائية..كثنائية ضدية لعدمية( الرجولة والقوامة)لدى الزوج.لم تقلها (جيهان) إنما أتت بها الكاتبة من بين آلاف المفردات المعجمية، وتستتعمل في المفهوم العام، أي تقال للرجل الذي لايغار على عرضه وعلى أهله...صحيح أن للثقافة العامة دورا في بناء الفرد واختزاله لكثير من المصطلحات اللغوية التي لها الثبات في العلوم الدينية والإجتماعية على المستويين السردي وفي توازن الثبات المعجميي الذي لاينزاح عن ثبات المفهوم اللغوي كما في الشعر...فلفظة (ديوث)لاعلاقة لها بشخصية جيهان وتصرفاتها الشاذة كما أن اعتقادجيهان بأن زوجها ديوث..ليس شرطا في ممارسة (الجنس )مع عشاقها بطريقة غيرمشروعة..لأن سيكولوجيتها تطمح إلى ممارسة هذا الفعل اللامشروع مع الآخر في أثناء تفكيرها الاستلابي..كحلم وغاية فكرت في العمل فيهما مسبقا.
ولذلك كان اختيارها مرتبطاارتباطا شرطيا بتفكيرها وأناها اللاشعورية ،ثم في اعتقادها أن زوجها لايهمه هذا الأمر ولاينقص من حق الزوجية شيئا..بينما الكاتبة كانت تستقرئ الأحداث نتيجة السيكولوجيا المجتمعية لثقافة المجتمع .(الثقافةالإجتماعية_الدينية ..الأخلاقية.).وتنطوي كل تلك الأسس الأخلاقية تنشأ وتتأصل تحت قانون التنشئة الإجتماعية/ والدينية..لكن قد يتمرد السلوك المجتمعي في ظل غياب الرقيب المجتمعي..إذا انتقل الفرد إلى بيئة أخرى وصار محبا لطقوسها ولهوها..وجديدها..
نتيجة انفتاح (جيهان) على سلوكيات المجتمع الجديد والانخراط فيه ، أدى ذلك إلىجعل علاقتها بزوجها تضطرب وتسوء،فيعاملها معاملة بقسوة شديدة،لم تكن تعلم ماينتظرها مستقبلا)11_وبماأن بداية الرواية انبنت على علاقة السرد والحكي بين فريدسعدالدين.وبين (جيهان).تختتم الكاتبة روايتها بمأساوية جزئية وهومالاقته جيهان ..من تشظيات وشقاء وألم وتأنيبِِ من ضميرها ومن المجتمع ،ظل يلاحقها ذلك العيب والتأنيب حتى آخر ساعة من عمرها ..إضافة إلى تلك الكلمات القاسية الصلبة التي خلت من الشفقة والرحمة ونسيان الماضي من قبل فريدسعدالدين فقدعاد مصرا على عدم زواج فريدة من ولده...
لم تمر الا ساعات حتى يدعى فريد لحضور الجنازة والعزاء..فيأتي ليشهدالموقف المؤلم، فإذاهي تلك العجوزالناحلة الجسد المتجعدة الوجه.وقدسلمت روحها إلى بارئها، بعدعناء ويأس..وسنوات من العمر كان الندم وتأنيب الضمير فيها أكثر من سنوات الطيش واللعب والعيش الرغيد..
ينظرفريدإلى ذلك الجسدالناحل الهزيل وتنسكب دموعه ويندم ويتحرك ضميره مشيرا إلى الخطأ الذي ارتكبه مع تلك العجوز التي طالما ردها بالنهر والملام..من أمام منزله..ولكن كان آخرموقف مؤثرا في نفسه ،هوذلك الموقف الأخير الذي. أتى بنفسه إلى منزلها يهددها فيه..وهي تترجاه ان لايفرق بين ابنتهافريدة وبين ابنه فريد وأن يصفح ويعفو ويسامح،
ثم يعقب موت جيهان فقدان فريدللذاكرة ونسي كل من حوله حتى زوجته (زينب)..ثم يفارق الحياة.._ بعدأن قارب على مشارف. السابعة والسبعين من العمر، أما زينب التونسية فقد أسست مركزاخيريا يساعدجميع الضعفاء والمحتاجين من أبناء الشعب اللبناني ..ثم تتوجه زينب بالدعوة لحضور حفل افتتاح المركزالخيري.عبر وسائل الاعلام .وكان لها حضور قوي فعال ،أشارت إلى غرض تأسيس المركز الخيري بأنه مركز خيري لجميع المحتاجين من ابناء الشعب اللبناني.لاتفريق بينهم.ثم طلبت في ختام خطابها من جمهورالحضور..الدعوة لزوجها فريد بالرحمة.
.أحسنت الروائية أ.نوال سلماني البداية وقدأشرت إلى البداية في أول الدراسة..أما الخاتمة فقدكانت أكثر تراجيدية ومأساوية. وهي العقدة التي يهندسها الروائي والقاص في رواياتهم وقصصهم..وهي لاتقل تفكيرا شاقا وعميقا وفنيا في ذات الوقت والنسق الرؤيوي عن البداية..في العمل الروائي..
تحياتي للكاتبة الروائية نوال سلماني..وارجو قبول قراءتي المتستعجلة ..وأتمنى لها مزيدا من التقدم والابداع والنتاج الروائي..والله ولي الهداية التوفيق.
5_3_2020
أ.عبده عبودالزُّراعي.
عضوالاتحادالدولي للأدباء والكتاب العرب
رئيس لجنة شئون العضوية بنقابة شعراء اليمن.
_____
المراجع :
1_د.عبدالكريم محمدقيس البدايةودلالتها..في رواية الرهينة.زيدمطيع دماج_ دراسات وقراءات مجموعة من الباحثين والنقاد.الناشراتحادالأدباءوالكتاب اليمنيين الأمانة العامة طأ ولى 2009ص 129
2_المصدرالسابق نفسه.ص131
3_و4لوداع الأخير..ببلومانيا للنشر والتوزيع.مصر 2009 ط1ص7
5_أحمدالزراعي الأبعادالسوسيولوجية والإبداعية في رواية (الرهينة) زيدمطيع دماج_ دراسات وقراءات مجموعة من الباحثين والنقاد ط1 الناشراتحادالأدباء والكتاب اليمنيين الأمانة العامة. .ص273
6_الوداع. الأخيرص 36وص 37أخير
7_الوداع الأخيرص41
8_نضال الصالح المستوى الأسطوري في رواية جبرا ابراهيم جبرا البحث عن وليدمسعود مجلة نزوى العدد33_ص5
9_وداع الأخيرص 79
10_أحمدبلحاج آية وارهام. الساحة الشرقية لعبدالقادرالشاوي مجلة نزوى عدد 33 _2002م
ص 258.
11_الوداع الأخير .ص79
12_الوداع الرواية..ص ص 201و202