المنظمة العالمية للإبداع من أجل السَّلام/ لندن

!وَلادَة بنت المُستكفي (٩٩٤ - ٢٦ مارس ١٠٩١ م ) .؟

01-11-2023


240 

وَلادَة بنت المُستكفي (٩٩٤ - ٢٦ مارس ١٠٩١ م ) .؟!

بقلم: د. أحمد القيسي

هي أميرة أندلسية شاعرة وأديبة عربية من بيت الخلافة الأموية في الأندلس .. هي أبنة  الخليفة الأموي المُستكفي بالله ، أميرة جميلة جداً أشتهرت بالفصاحة والشعر ، كان لها مجلس مشهود له في قرطبة يؤمهُ الكبار من الأعيان والشعراء ليتحدثوا في شؤون الأدب والشعر بعد زوال الخلافة الأموية في الأندلس.!
هي وَلادَة بنت محمد بن عبد الرحمن الأموي وِولادة قرطبة ٩٩٤ - وفاتها ٢٦ مارس ١٠٩١قرطبة .. أقامت في بلد منشأها ، قُرطُبية الجنسية عربية العرق والجذور  .. مسلمة الديانة .. الشريك إبن زيدون  .. أباها محمد المُستكفي بالله  ، والأم سكرى  .. منصبها أميرة أموية أمتازت حياتها العلمية بالأدب بكل صوره ِ وخاصة الشعر ، اللغة الأم العربية الفصحى،  أعمالها البارزة  الشعر العربي.  أشتهرت ببيتين من الشعر قيل أنها تكتب كل واحدٍ منها على جهة من ثوبها ..! والقائلة فيه  أنا والله أصلحُ للمعالي  - وأمشي مشيتي وأتيه تيهاً
أُمكِنَ عاشقي من صحن خدي - وأعطي قبلتي من يشتهيها .  أنفردت وَلادة بنت الخليفة الأندلسي المُستكفي بالله وجاريته الجميلة سكرى الإسبانية الأصل بكونها الأميرة والشاعرة الفصيحة الأصيلة التي أحتفى بها مؤرخون الأندلس أكثر من أي شخصية نسائية أُخرى في عصرها ، عاشت ما يقرب زهاء الثمانون عاماً أو الخمسةَوالثمانون على قول عصرها عاشتها في أرتجال روحي حر مابين الشعر والعشق .. ولم تكتفي بهما وظلت في حاجة لهما حتى آخر يوم من حياتها رغم حبها وميل قلبها لكثير من رجال الدولة والشعر أنذاك وكان من أشهرهم الشاعر والوزير إبن زيدون .! أكثر العشاق المتيمين بها أهمية وأشتهر بين عاشقيها ومحبيها في عصرها .. إلا أنها ماتت وحيدة ولم تحظى بزواج من أي رجل قط ..! وقيل من المؤرخين أن السبب في ذلك أنها متطلبة كأمرأة وكأميرة شديدة الكبرياء والفخر بنسبها وأنوثتها الطاغية وحبها ، فكانت تريد رجلاً كاملاً من الصفات وفياً لا ينظر إلى غيرها ولا يرى سواها في الكون كله ، وفي عصرها لم تجد ذلك الرجل .! فآثرت البقاء على عرش الشعر والعزة بدون رجل غير مناسب قد يهز ما تملكه من نسب رفيع ولسان شعري فصيح ، ومكانة رفيعة في قرطبة . كان لها صالونها الأدبي الخاص بها وهو أول منتدى أدبي من نوعه في زمنها الذي كان يؤمهُ كبار الدولة من الأعيان والحكومة والشعراء يتناقشو معها بشؤون الأدب والشعر بحرية دون قيود .. وكانت مجالستها لهم ومناقشتها القوية والحجة معهم  .. هو الباب الذي فتح قلوبهم إليها قبل عقولهم ومن بينهم ذائع السيط الوزير الشاعر إبن زيدون .  أمتازت وَلادَة بشعرها الغزلي الفاحش والعام والفصيح  وخاصة في وصف جسد المرأة والرجل  . من بين ماتصف غزل حبيب تقول فيه : 
وحبيبٍ أخوه من نهاراً متخفٍ وزارني في إكتئام 
    زارني في الظلام يطلب ستراً .
فأفتضحنا بنوره في الظلام  .

قيل في وَلادَة هي حقيقة أم أسطورة؟!
في أدبها وأشعارها الذي شَهِدَ له بالإجادة والأدبية الكثير من الأدباء والمؤرخين .،  ومن ذلك ما قاله إبن بشكوال يصفها كانت أديبة وشاعرة جزلة القول ، حسنة الشِعر .. كانت تفاظل الشعراء وتساجل الأدباء وتفوق البرعاء . ومطابقة عنه وموافقة قد قال عنها الضبي: أديبة شاعرة جزلة القول مطبوعة الشِعر نخاطب الشعراء وتساجل الأدباء وتفوق البرعاء .
     لم يحفظ لنا التأريخ من كتب الأدب لنا كثيراً لأشعار وَلادَة وهو الأمر الذي قد يحتمل أن المسيح الإسبان لما دخلوا إليها قد أحرقوا جميع المؤلفات من الكتب الإسلامية والأدبية في عصرها مما جعل قلة المصادر والدواوين ببنت المُستكفي . 

عاشت وَلادَة قصة حب عميق مع إبن زيدون والذي وُلد في قرطبة عام ٣٩٤ ، وقد برع الشعر كما برع في النثر  .. أسمهُ أحمد بن عبد ألله بن زيدون .. تعلم في جامعة قرطبة التي كانت أهم جامعات الأندلس،  ولمع بين أقرانه كشاعر وكان ذلك بداية تعرفه على وَلادَة بنت المستكفي فراشة العصر الأندلسي .. وقد برز وزيراً عندما أنقطع أبن جوهر من ملوك الطوائف بالأندلس حتى أتهمهُ إبن جوهر بالميل إلى المُعند بن عباد محبسة.. بعد هروبه من الجهور التحق وأتصل بالمعتضد بن عباد صاحب أشبيلية فولاه وزيراً وفوض إليه أمر مملكته فأقام مبجلاً مقرباً إلى أن توفى في أشبيلية ذاتها في أيام المُعتضد .. 
عاش إبن زيدون أياماً سعيدة مع أميرة حبه وَلادَة وقد أفصح لنا عن بعض تفاصيل علاقته بها فقد جاء على لسانه قولهُ : كنتَ في أيام الشباب وغمرة التصابي هائماً بغادةٍ تدعى وَلادَة فلما قُدرَ اللقاء وساعد القضاء،  كتبت إلي تقول : 

تَرقي إذا جُنَ الظلام زيارتي 
            فإني رأيتُ ألليل أكتمُ للسر 
وبالليل ما أدجى و النجم له يسر 

من هنا تناقلت الشفاه والألسن في ذاك الزمان الجميل شِعرها هذا وتحولت أبياتها هذه إلى أجمل ما قيل من شِعر في الحب ودعوة الحبيب للحبيبة .

نهايتها  : كانت نهاية غير متوقعة وحزينة ألمت بوَلادَة عاشت كما عاش محبها الوزير ابو عامر بن عبدوس عُمراً يزيد على الثمانين عاماً وقد ظلَ محروماً لايتوانى عن طلب وِصالها ، حتى أزرى بها الزمان لدخولها سن الذبول للجمال وذهاب الشباب وحلول خريف عمرها بالشيخوخة ، فظل يتحمل إبن عبدوس مسؤولياتها ، ويستر عيوب كبرها ، وحاجتها مادياً ومعنوياً ، يحمل كل هذا ويرفع ظلها رغم ماكان عليه جذبٍ وقحط تاركاً للتأريخ سيرة حسنة وفعلاً ظريفاً ووفاء يضرب به المثل وظلت الأميرة وَلادَة طيلة حياتها العامرة بالسنين قمراً يطلع ويأفل في عيون خُطاب وَلادِة وودها ، وشمساً تشرق وتغيب في خيال عاشقيها،  إلى أن وافتها منيتها عام ثمانين أو خمسة وثمانين وأربعمائة للهجرة ولم تتزوج قط تاركة خلفها قصة حياة وأثر كبير من الشعر يستلهمهُ الشعراء والعشاق منذ زمنها الماضي حتى زمنها الحاضر