أغنية من رماد
23-10-2023
171
أغنية من رماد
بقلم: الدكتورة وفاء عبد الرزاق
إلهي،
أثقلني الحزنُ والبوّاباتُ تضيق!
استبشرتُ خيرًا ساعة نشرتُ أشرعتي؛
لكنَّ الأردية الدّامِية جاعت لنازفي
ألجأ إليكَ من عاصفٍ يلاحق سفني.
إلهي،
أمنحُ الأرضَ مطرًا من الرَّياحين،
وأستبدلُ الطَّعنة بالجُموح.
الطُّيورُ الأليفة تعشقُ حرارة الأعشاش،
لنمتشق المطرَ من غمده، ونرقص لألوانِ الطَّيف
أنا لا أستبدلُ البراءة بالحُلمِ؛ بل أعشقُ الحُلمَ البريء.
إلهي،
اغسلني بغيثكَ، واتركه يطاردني مثل طفل
لي اغتصاب القضبان،
والمحطّات المطارِدة.
فلا تُسقط إسميَ من شجرةِ المطر
عبرتْ بي الأغاني وحلَّقت للمحبين،
استنطقتْ الزَّلزلةَ، العاتي من الموج
وصهرتْ نفسَها درَّة اللقاءات
لكنَّها استغربتْ الدُّرر الغاشية على سواحل الرمل.
أهو وعد غاشيتك؟
أنثى الرَّمل تسأل غفلة الوقتْ:
أمنذ خمسين نعانق الأزقَّة الحريق؟
دعني أصعد إلى غيثٍ نضرٍ،
وإنْ تعاقبتْ الحراب؛ سأهبُ الوردَ للوردِ،
وأمنحُ قلبي لعطرٍ فيه متَّسع من الابتسام.
إلهي،
ماذا أفعلُ بالقذيفة، القنبلة، الطلقة، الحروب ، الدماء وفي يدي الدَّوالي؟
كيف أتلقّف هذا الغزَل الشَّرقيّ براحتيّ؟
كيف أردِّدُ: "سبحانكَ، سبحانكَ، الغوث، الغيث"
وفمي موصدٌ بما ليس لي!
لي منكَ ما للحمائم،
وأنت العارف بمَن يظلِّلُها صمتُ المغيب.
اكتشفني ارتفاعًا
يقطفُ من امتداد أعاليكَ
ما لم تألفه الرَّعشة العاشقة
هو الغيث، فأحضروا مزاميرَ الخُبز
إلهي، إلهي،
مازال بيننا الجُوعُ فاصلة الكلام
دعني أضيء القولَ،
وأرتشفُ نخبَ عطاياك.
ليحتلُّني برقكَ؛ فقيثارتي شاسعة الخُضرة في الأرحام.
لا تجعلهم يرسمون بالحبر الأسود خرائطنا
هاهم أطفالنا عقدوا أرواحهم قلائد زيَّنت السَّماء
كلُّ شيء يرتعشُ الآن
من الأرضِ حتى السَّابعة العليا
إلَّا ما لا يملكونه من رعشة الضمائر.
ملائكتُك تُقصف باليتم والخوف الكافر
تجاهلهم الوقتُ ؛ فتساقطوا فوق بعضهم أغنية من رماد.