المنظمة العالمية للإبداع من أجل السَّلام/ لندن

عملية تمرير المبادئ والعقائد والايديولوجيات من خلال الأدب

13-08-2023


179 

عملية تمرير المبادئ والعقائد والايديولوجيات من خلال الأدب

بقلم الكاتب والباحث  علي محمد العبيدي 

إن غاية أصحاب المبادئ الفلسفية والمبادئ العقائدية والمبادئ الايديولوجية ومنظريها هي الوصول إلى فكر المتلقي في مختلف مستويات الثقافة وغرسها في النفوس وترسيخها في العقول .
وأهم وسيلة تساعد على تمرير ووصول مختلف الأفكار والنظريات والمعتقدات هي الأدب .
 وأبرز من استثمر الأدب في تمرير وترسيخ عقائدة وافكاره  هو الجاحظ من خلال كتابه البيان والتبيين. حيث أنه رسخ عقائده الاعتزالية من خلال هذا الكتاب، كما وانه سعى في باقي مؤلفاته إلى نفس الطريقة التي سار عليها في الكتاب السابق الذكر.
وعند نشوء طائفة الخوارج استغلوا هذا الجانب استغلالا ذكيا واجتمع عندهم عدد كبير من الشعراء والأدباء والكتاب حتى ظهر أدب الخوارج بشكل واضح وجريء وقد عقد المبرد فصلا في كتابه الكامل في اللغة والأدب أطلق عليه اسم أدب الخوارج .
وقد كان لازدهار الشعر التعليمي أثرا بالغا في هذا المجال حيث اعطى الشعراء مساحة واسعة تمكنهم من نظم قصائدهم في مختلف المجالات الفكرية ومن خلال هذه القصائد يبثون افكارهم وعقائدهم مثل نظم الجوهر المكنون في علم البلاغة للاخضري، والذي نشر من خلاله عقائد التصوف والحلول والإتحاد التي يعتقدها.
واستمرت هذه الطريقة إلى يومنا هذا وتطورت على أيدي الباحثين والمتخصصين في هذه المجالات حتى صارت جزء ثابت من العملية التربوية في المدارس من بداية التدرج التعليمي والتربوي حتى مستوى الجامعة وفي المجامع العلمية  والمنتديات الأدبية وباساليب وطرق متعددة تظهر في النتاج الأدبي الذي يحمل دلالات الانحياز كل إلى معتقده وطبيعة حياته الاجتماعية، وعدم الالتفات إلى المبادئ والقيم التي من أجلها قامت الحركة الأدبية في مختلف العصور.
وقد ظهرت هذه النزعات بشكل واضح بعد ما ظهرت بوادر الضعف والتشتت في الدولة العباسية  وبداية ظهور الدويلات ونشوء أخطر نزعة دينية وقومية في بلاد فارس الا وهي الحركة الشعوبية  التي ساندت المغول في إسقاط  الدولة الإسلامية، وحل الدمار والتخلف والجهل وانهيار المنظومة الثقافية والعلمية على مختلف الأصعدة.
وفي أوربا كان الأمر واضحا في استخدام الأدب كأداة حماسية وفكرية استقطبت الجماهير في البدايات التي مهدت للثورة الفرنسية. 
وفي دولة الاتحاد السوفيتي السابق والتي استغلت الأدب والأدباء لتمرير افكارها الاشتراكية على أوسع نطاق.
 وقبيل القرن العشرين ومع بداياته ظهرت في الوطن العربي مجموعات ادبية وثقافية مولتها واستغلتها جهات عديدة تحمل عقائد وايديولوجيات مختلفة لها أهداف واتجاهات كثيرة جدا تكاثرت وعلت اصواتها بشكل ملحوظ تنادي بالتغيير والحرية ومسميات كثيرة جدا لكنها تدور في إطار الحرية (ومن يكره الحرية أو يحاربها). وتتحرك هذه المجموعات وتنشر افكارها بطريقة عشوائية وغير منظمة ولكنها عملية مقصودة لإشاعة الفوضى والاضطراب في النسيح الاجتماعي العربي مستغلة حماس الشباب المغرر بهم تحت شعارات رنانة مفرغة من المضامين العلمية الواضحة وغير خاضعة لائ دراسة اكاديمية على أرض الواقع. والتي جرت الويلات على الأمة لكنها لم تكتشف إلا بعد فوات الأوان. 
ان الأدب هو قيمة عليا يعبر من خلاله الأدباء عن حياة الانسان والمجتمع وما يدور فيها من تفاعلات ، ويكون الأديب والكاتب والشاعر هو واسطة التعبير وتصوير هذه التفاعلات باسلوب ادبي جميل يجد فيه المتلقي المتعة من خلال الذوق الابداعي الذي رسمه وان استغلاله بطريقة غير انسانية يعود بالضرر على الثقافة والسلوك الاجتماعي المنتظم.