المنظمة العالمية للإبداع من أجل السَّلام/ لندن

رواية "عشر صلوات للجسد " للكاتبة العراقية وفاء عبد الرزاق

04-05-2020


180 

 

رواية "عشر صلوات للجسد " للكاتبة العراقية وفاء عبد الرزاق

بقلم : فوزي الديماسي / تونس

" الأدب مأساة أو لا يكون " على حد تعبير الكاتب التونسي سيدي محمود المسعدي ، إنّه مأساة الإنسان المتأرجح بين الألوهية والإنسان ، وهو لغة الوجدان للوجدان ، يخاطب الغيريّة مخاطبة الذات لذاتها ، كرجع صدى فعله بين جنبي الإنسانية في اطلاقيتها وتأثيره . إنّه سفر في قيم الجمال والحياة ، وفوق الحدود وإكراهاتها تحرّكه وحركته ، وأبعد من الواقع الغارق في ذئبويته وتفعيته وشبقه تدفّقه ، وفوق تعدّد الألسن والأعراق والأديان والألوان بنيانه .

إنّه - الأدب - فعل يحكي الصباح ، ويحاكيه ، ورحلة في مناكب بياض السجايا ونقاء الطوايا ، إنّه دين الإنسان يبشّر بالإنسان ، وفعل كونيّ بامتياز ، يكتب أناجيل الوجود وأناشيده المقدّسة بحرف منبثق من ألم الإنسانية وأملها ، ذلك هو فعل الكاتبة في رواية وفاء عبد الرزاق ، نصّ / صيحة في وجه الإنسانية .

يشرع السّرد نوافذه على حوار داخليّ ، ويفتح أبوابه على حديث النفس لنفسها ، حيث يهمس الراوي لنفسه في نفسه بأحاديث حميمية موغلة في الوجع والكبرياء الأنثويّ . حديث كحفيف أوراق العمرصوت نجواه في ثنايا السرد . يتردد صداه في قعيان ذات مكلومة على أبواب ليل بهيم .

إنّها النجوى وقد ضمّت بجناحيها كلّ شيء ، وحلّت في كلّ شيء ، وتلبّست بكلّ شيء. وكأنّه حديث " إنانا " الثانية / أزاهير لأخيّتها القديمة الناسلة من الأساطير القديمة في شريعة البلد وشرائعها ، والمقيمة في الوجدان إقامة أنثوية باذخة .

نصّ يتعشّق " إنانا " الأساطير القديمة ، وبتغزّل بها ، ويحكي عنها ويحاكيها على لسان الرواي في سرّه وجهره أمام مراياه في خلوته ، حيث يقيم صلوات " التفرّد الأنثويّ " كصلوات النرجسيّ في محراب وجهه في زمن احترفت كلابه السوداء نهش الطريق ونضارة الجسد بذكورية نهمة .

حديث يسائل فيه االرواي بصوت أنثوي صارخ في صمته بطركية ( شهريار/ الرجل ) الفاحشة المتوحشة ، ويحاكم تلميحا تلرة ، وتصريحا أطوارا اذكورية جارحة لكبرياء حوّاء على امتداد التاريخ والأمصار .

نصّ يتوسّل بالرمز ( أنانا ) ، ويلوذ به ، ويصنع به ، ومن خلاله لحظات نصره في حرب تأصيل الكيان .

اللغة في النص شفيفة شعرية في أغلب المواضع ، كسجع الكهّان ، وأناشيد الرّهبان ، تحمل فيها " أزاهير " ، أو ( شهرزاد الرواية ) أوزارالكون الأنثوي وخيباته ، وتطرّز ثنايا حكاياتها من أوجاعها وأوجاع الأخريات . نصّ للشعر أقرب في صفائه وحساسيته المتدفّقة في كثير من منعطفاته.

هي حكايات حواء العصر ، متعدّدة متنوعة ، ومن حضارات مخنلفة عريقة ، بريطانية ، عراقية ، هندية ، باكستانية ، ايرانية ، صومالية ، امريكية ...حكايات مختلفة في المكان ، موحدة في الجرح الأنثوي النازف في راهن الزمان " أزاهير / بربارة /هينار/ مهيرة /دلكش / خضرة ... " تعدّدت الأسماء ، والهمّ واحد ، وتنوّعت الحضارات والسؤال عينه يحلّق في فضاءات ما تخفي صدورهن من أوجاع وأشجان ،

- يتبع -